السبت، 25 أغسطس 2018

جئتني.........بقلم / نعيمة المديوني


جئتني
لما جئتني
ومتى جئتني
أ في ليلة صقيع
مات فيها الصّغير
تحت أسوار المدينة
مُختنقا بدخان التبغ المستورد
وهو العليل
حيث لا قلب رحيم
ولا فتيل يبثّ فيه الدّفء
ويُسكت العويل
أم في يوم حرّ زاده الأنين
سياطا وسعيرا
ألهبت ظهر العجوز
يدفع عربة الطّحين ليسعد
سيّده الأمير
معصوبة العينيْن أسير
أجوب الدروب المستعصية
لا رفيق يسرق
الابتسامة
ولا أنين يسكن الفؤاد
أبحث عن أقحوانة
عن سوسنة
عن أغصان الياسمين
انسج منها ظفيرة لأحلامي
الصّغيرة
""""""""""""""""""""""
جئتني
وقد علا النّباح في الحدائق
بعد أن اُغتصبت مدينتي
واُغتيلت الأفراح
قلتٙ أهواكِ مولاتي
نجمتي أنت وسرّ
ابتساماتي
صدّق الغرير التُّرّهات
كسّرتُ قضباني
تحديّتُ سجّاني
هرعت اليْك
أرتمي بين ذراعيْك
أتمرّغ على وجنتيْك
أقبّل اللّمى وقد تحوّل
عسلاَ
أهو جنون الحبّ
أم وَهْم السنّين العُجاف
أهو جنين تولّد في أحشائي
ينمو ويستدير
وبك يهيم
أم جنون الشّوق لطيْفٍ
وهبته أنفاسي قبل ميلادي
أم هروب من دماء أغرقت
مدينتي
لست أدري مولاي
كلّ شيء فيّ يدفعني اليْك
كطوفان عمّ
حمل ما اعترضه
أبحرت في اليمّ
أقتلع المحار بعذاب السّنين
مرجان وياقوت مثير
حوت كبير
يبتلع أنيني
يسخر من قنوطي
نجم متحرّك ليس أسير
بين قضبان الزّمان المرير
يسير نحوي
يركض حيث أركض
يهمس أن استديري
لا تركضي كالمهى
الصّحراء رمال ودماء
هاك جناحيْن بهما
تلجين عالم السّحر المكين
بهما تسبحين في شطآن
حبلى بالحنين
تزخر الجراب بالخير الوفير
لا الصيّاد أسير
ولا المهرة عليلة
هي الأيام بينكم تداول
أليمة
حزينة
جريحة
سعيدة
كرّ وفرّ
مدّ وجزر
لست أدري آسري
أجئتني نغمة صيفيّة
آلة وتريّة
أم بلسم لروحي
ودواء لجروحي
كريهة تلك الأيّام
ضنينة تلك الأحلام
أرقص دامية القدميْن
يمتزج الدّمع والقهر
أبحث عن الجمال
عن المحال
بين السّواقي والوديان
أعثر عليْك
ياجنون أحلامي
أمدّ يدي اليك
تجذبني بحنان
أطأ برّ الامان
أقبّل صورة لك
مرسومة على الجدران
جدران الزّمان هدْمُها مُحال
أطرب بين ذراعيْك
أنساني
أنسى السّهاد
بين الغيمات
أجدني طفلة صغيرة
تحتاجك
تنام على كتفيْك
تلعق اللمى من شفتيك
برّ أمان
أنت
مُحال
مُحال هجر ديارك
خصبة أراضيك
بالمسك والحنّاء
مخضّبة أيّامي
جئتني
لتحملني على بساط الحنان
الى مدينة الهيام
حيث أنا وأنت
والغرام
نلج العشّ مُبسملين
هانئين
أغصان الزّيتون بنورها
تُضيء الدّروب
فتهنأ القلوب

ن
عيمة المديوني (تونس)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق